التاريخ • فجر التاريخ
• عمان والإسلام
• اليعاربة وطرد البرتغاليين
• الأسرة البوسعيدية فجر التاريخ
تشير الدراسات التاريخية إلى الصلات العديدة بين الحضارة العمانية وحضارة الشرق القديمة في الصين والهند وبلاد مابين النهرين فضلا عن الصلات مع حضارات شرق البحر المتوسط ووادي النيل وشمال أفريقيا. وتؤكد الحفريات التي أجريت في ولاية صحار إن صناعة تعدين وصهر النحاس كانت من الصناعات الرئيسية في عمان قبل ألفي عام من ميلاد المسيح.
ويبدو من المؤكد إن دولة مجان التي ورد ذكرها في صحف السومرين هي ذاتها ارض عمان.
كما إن مادة اللبان المعروفة حاليا في عمان والذي اعتادت ملكة سبأ إن تقدمه لسليمان كان ينتج في ظفار المنطقة الجنوبية من عمان. ومنذ القدم نشأت في عمان مجتمعات مستقرة احترفت التجارة والزراعة وصيد الأسماك، يرجع بعض المؤرخين نشأتها إلى الالف الرابع قبل الميلاد.
وتذكر روايات التاريخ إن اثنتين من القبائل العربية قد نزحتا الى عمان في القرن الثاني قبل الميلاد. وتعرف أحداها باليمنيين وهم الذين وفدوا إليها مباشرة من جنوب غرب الجزيرة العربية والأخرى قبيلة نزار التي جاءت من نجد.
وعندما انهار سد مأرب عام 120 ميلادية تكاثرت هجرات القبائل العربية إلى عمان وكانت أولى الهجرات هي هجرة قبيلة الازد بقيادة مالك بن فهم الازدي، واليها تنتمي أسرة البوسعيدي الحاكمة.
عمان والإسلام
لقد كانت رسالة الإسلام منعطفا هاما في تاريخ عمان، حيث استجاب أهل عمان لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ودخلوا الإسلام طواعية وسلما، ثم ما لبثوا إن لعبوا دورا رائدا في تثبيت دعائم الدعوة ونشر راية الإسلام شرقا وغربا.
وكانت عمان من أوائل البلاد التي اعتنقت الإسلام في عهد الرسول الكريم، فلقد بعث عليه السلام عمرو بن العاص الى جيفر وعبد ابني الجلندي بن المستكبر ملك عمان حينذاك ليدعو الى الإسلام وكان ذلك حوالي عام 630 ميلادية.
ولقد دعا الرسول عليه السلام لأهل عمان بالخير والبركة وكذلك أشاد بهم خليفة رسول الله ابوبكر الصديق رضي الله عنه. وخلال السنوات الأولى للدعوة الإسلامية ساهمت عمان بدور بارز في حروب الردة التي ظهرت بعد وفاة الرسول عليه السلام، كما شاركت في الفتوحات الإسلامية العظيمة برا وبحرا خاصة في العراق وفارس وبلاد السند، بالإضافة الى المشاركة في الفتوحات الإسلامية لعدد من البلاد الأخرى في المنطقة وخارجها.
على إن الإسهام الأبرز لعمان تمثل في الواقع في قيامها عبر نشاطها التجاري والبحري الكبير خاصة خلال القرن الماضي بالتعريف بالإسلام ونشره في كثير من مناطق الساحل الشرقي لإفريقيا والى مناطق وسط أفريقيا التي وصل إليها العمانيون كما حمل العمانيون الإسلام معهم الى الصين والموانئ الآسيوية التي تعاملوا معها وفي نفس الوقت مثل الإسلام والقيم الإسلامية رابطا قويا بين العمانيين حافظوا عليه وتمسكوا به والتفوا حوله.
اليعاربة وطرد البرتغاليين
في أوائل القرن السادس عشر وتحديدا في عام 1507م استطاع البرتغاليون إن يسيطروا على أجزاء كبيرة من السواحل العمانية وذلك بعد مقاومة شديدة من العمانيين.
وبرغم طبيعة الأوضاع الداخلية في عمان في ذلك الوقت إلا إن البرتغاليين او غيرهم لم يستطيعوا تجاوز بعض المناطق الساحلية المحدودة وظلت مناطق الداخل في عمان بمثابة العمق الاستراتيجي الذي انطلقت منه ومن بعض المناطق الساحلية حملات المقاومة الوطنية العمانية حتى تم التخلص من الاحتلال البرتغالي بعد نحو قرن ونصف القرن.
يمثل تولي الإمام ناصر بن مرشد إماما على عمان في عام 1624م بداية حكم اليعاربة. وقد تمكن الإمام ناصر بن مرشد من خلال توحيد البلاد تحت قيادته للمرة الأولى منذ سنوات عديدة وعبر تجهيز أسطول بحري قوي تمكن من تقليص نفوذ البرتغاليين وتحرير بعض المدن الساحلية منهم.
وقد واصل الإمام سلطان بن سيف هذه المهمة الجليلة في مطاردة البرتغاليين خاصة وانه توفرت له الكثير من عناصر القوة المادية والعسكرية حتى تحرير مسقط عام 1650م وهو ما كان إيذانا بأفول نجم البرتغاليين في منطقة الخليج ككل. والجدير بالذكر إن القوات العمانية طاردت البرتغاليين إلى سواحل الهند وشرق أفريقيا
الأسرة البوسعيدية
إن المؤسس الأول لدولة البوسعيد هو الإمام احمد بن سعيد البوسعيدي الازدي، وهو رجل قوي شديد الانضباط قام بتحرير البلاد من الغزو الأجنبي الفارسي ووحد العمانيين تحت راية واحدة نحو القوة والمجد.
لقد كان الإمام احمد بن سعيد واليا على صحار من قبل اليعاربة ولكن تم اختياره إماما على عمان عام 1744م وذلك لمواقفه الوطنية وشجاعته وحنكته السياسية والتجارية والعسكرية.
لقد كان توليه الحكم هو البداية الفعلية لحكم أسرة البوسعيد وهي الأسرة الحاكمة حيث انشأ مؤسس الدولة الجديد جيشا قويا واهتم بتدعيم الأسطول العماني وتطويره .
لذا فقد حقق انتصارات حاسمة استعاد فيها لعمان مركزها وقوتها. لقد مثل حكمه النهاية الفعلية لعصر اليعاربة وإنهاء الخلافات والانقسامات الداخلية والحروب التي أضرت بعمان وبمكانتها التاريخية المرموقة.
لقد نمت وتعاظمت مساهمة وقوة الدولة البوسعيدية منذ بدايتها في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي واستمرت متطورة رغم العثرات، حتى عصر النهضة المباركة والتي أرسى دعائمها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم. وكأي دولة واجهت الدولة البوسعيدية العديد من التحديات الداخلية والهجوم الخارجي من القوى الإقليمية والأوربية، إلا إنها استطاعت دوما الصمود والانتصار، بفضل الوحدة الوطنية والتواصل مع القوى الأجنبية المحبة للسلام والوئام.
وهنا نوجز أهم الإنجازات والمكاسب التي حققتها الدولة البوسعيدية على ارض عمان وعلى المستوى الإقليمي والدولي:
الوحدة الوطنية حيث استطاع البوسعيديون إن يوقفوا تصدع الوحدة الوطنية للعمانيين التي حدثت في نهاية عهد اليعاربة وان يوحدوا الشعب العماني والقبائل العمانية تحت راية واحدة وهدف واحد، عن طريق الوحدة الطوعية والحكمة واللين والتحالف والمصاهرة فقد تمت تقوية البناء القومي على أساس التسامح والمساواة والحرص على أموال الناس وأرواحهم وذلك على اختلاف قبائلهم ومناطقهم وأعراقهم وثقافاتهم.
والمحافظة على الأرض، حيث استطاع البوسعيديون تحرير الأرض العمانية من الوجود الفارسي ومن بعده الوجود الأوربي بأشكاله وجنسياته المختلفة محافظين على سيادتهم على أرضهم ومياههم الإقليمية معتمدين على الله أولا ثم على قوتهم الذاتية وتماسكهم ووحدتهم، محققين بناء دولة مركزية آمنه مطمئنة يسندها نظام قانوني وقضائي وإداري واضح ومحكم.
والقوة الاقتصادية والتجارية، حيث تمكن البوسعيديون من إخراج البلاد من الآثار السلبية للحروب الأهلية على الاقتصاد وضعف التجارة الداخلية والخارجية ومن ثم بناء قوة اقتصادية وطنية قوامها الاهتمام بالزراعة والري وقطاعات الإنتاج الأخرى والموانئ وطرق التجارة داخليا وخارجيا.